الشاعر الحقيقى هو الذى يتجاوز الزمان والمكان، هذا هو حال شاعر من نيبال اسمه بوبى شيركان، توفى فى نهاية الثمانينات، تقرأ قصيدته «بلاد الضجيج والشائعات» التى ترجمها المبدع طلعت الشايب فتحس أنها كُتبت عن مصر الآن، تشعر أن أبياتها قد هجرت الهمالايا والتبت وحصار الهند والصين لتسكن صحراء مصر التى هى هبة النيل الذى هبّبه المصريون بمخلفاتهم ودوابهم النافقة! لنقرأ القصيدة بحياد ثم نحكم هل هى عن نيبال فقط: «هذه بلاد الضجيج والشائعات

حيث الصُّمُّ الذين يستخدمون السماعات

هم المحكَّمون فى مسابقات الموسيقى

والذين تمتلئ أرواحهم بالحجارة

هم نقاد الشعر

حيث تفوز فى السباق.. الأرجل الخشبية

وحراب الدفاع فى أيد مجبورة بالضماد

حيث الأرواح فى السلال

ومحملة فوق العربات

تُعرض للبيع فى الطرقات وأمام الأبواب

حيث القادة هم الذين يتاجرون فى الأرواح

مثل الأسهم فى البورصة، وحيث الذين يقودون الشباب

هم أصحاب الوجوه المجعدة

مثل ألواح السقف

وحيث البذور التى تضاعف الإنتاج

معروضة فى المعارض الزراعية

المملوءة بأخبار القحط والمجاعة»

ويختتم الشاعر قصيدته بقوله:

«أيها الرفاق.. يا شعراء هذه الأرض

الذين يغنون أغنيات نهضة الوطن

ويا قادة شعبنا المحترمين

قولوا عنى مفترٍ خائنٌ إن شئتم

ولكن هذه البلاد بلادى

كما هى بلادكم

سيقف كوخى على قطعة من أرضها

وستُحرق جثتى بالقرب من أحد أنهارها

لا بد أن أقول

وهذا الاحساس يملأنى بالجسارة

إنها بلاد الضجيج والشائعات

احفروا عميقاً وتحت كل بيت

ستجدون شائعة مكدسة

إنها بلاد جلبة وثرثرة

وطن تغذّيه الشائعات

وطن يقف على الضجيج!».